فصل: (كِتَابُ الْمُزَارَعَةِ):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الفتاوى الهندية



.(الْبَابُ الثَّالِثَ عَشْرَ فِي الْمُتَفَرِّقَاتِ):

وَيَجُوزُ لِلْقَاضِي أَنْ يَأْخُذَ عَلَى الْقِسْمَةِ أَجْرًا وَلَكِنَّ الْمُسْتَحَبَّ أَنْ لَا يَأْخُذَ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.
وَيَنْبَغِي لِلْقَاضِي أَنْ يُنَصِّبَ قَاسِمًا يُرْزَقُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ لِيُقَسِّمَ بَيْنَ النَّاسِ بِلَا أَجْرٍ بَلْ هُوَ الْأَفْضَلُ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ نَصَّبَ قَاسِمًا يُقَسِّمُ بِأَجْرٍ عَلَى الْمُتَقَاسِمَيْنِ وَيُقَدَّرُ بِأَجْرِ مِثْلِهِ كَيْلًا يَتَحَكَّمَ بِالزِّيَادَةِ عَلَيْهِمْ وَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ عَدْلًا عَالِمًا بِالْقِسْمَةِ أَمِينًا وَلَا يُجْبِرُ الْقَاضِي النَّاسَ عَلَى أَنْ يَسْتَأْجِرُوا قَاسِمًا وَاحِدًا كَذَا فِي الْكَافِي.
أُجْرَةُ الْقَسَّامِ إذَا اسْتَأْجَرَهُ الشُّرَكَاءُ لِلْقِسْمَةِ فِيمَا بَيْنَهُمْ عَلَى عَدَدِ الرُّءُوسِ لَا عَلَى مَقَادِيرِ الْأَنْصِبَاءِ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ- رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى-: عَلَى مَقَادِيرِ الْأَنْصِبَاءِ وَيَسْتَوِي فِي ذَلِكَ قَاسِمُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَأَمَّا أُجْرَةُ الْكَيَّالِ وَالْوَزَّانِ فِي الْقِسْمَةِ فَقَدْ قَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا: هِيَ عَلَى هَذَا الِاخْتِلَافِ وَالْأَصَحُّ أَنَّ قَوْلَهُ فِيهِمَا كَقَوْلِهِمَا وَإِذَا طَلَبَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ الْقِسْمَةَ وَأَبَى الْآخَرُ فَأَمَرَ الْقَاضِي قَاسِمَهُ لِيُقَسِّمَ بَيْنَهُمَا رَوَى الْحَسَنُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّ الْأُجْرَةَ عَلَى الطَّالِبِ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: الْأُجْرَةُ عَلَيْهِمَا كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.
وَلَوْ اصْطَلَحُوا فَاقْتَسَمُوا جَازَ إلَّا إذَا كَانَ بَيْنَهُمْ صَغِيرٌ فَحِينَئِذٍ يَحْتَاجُ إلَى أَمْرِ الْقَاضِي وَلَا يَتْرُكُ الْقُسَّامُ يَشْتَرِكُونَ.
كَذَا فِي الْكَافِي.
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى أَجْرُ قَاسِمِ الدُّورِ وَالْأَرْضِينَ عَلَى عَدَدِ الرُّءُوسِ وَقَالَا عَلَى قَدْرِ الْأَنْصِبَاءِ وَصُورَتُهُ دَارٌ بَيْنَ ثَلَاثَةِ نَفَرٍ لِأَحَدِهِمْ نِصْفُهَا وَلِلْآخَرِ ثُلُثُهَا وَلِلْآخَرِ سُدُسُهَا قَالُوا: وَهَذَا إذَا طَلَبُوا مِنْ الْقَاضِي الْقِسْمَةَ بَيْنَهُمْ فَقَسَّمَ بَيْنَهُمْ قَاسِمُ الْقَاضِي فَأَمَّا إذَا اسْتَأْجَرُوا رَجُلًا بِأَنْفُسِهِمْ فَإِنَّ الْأُجْرَةَ عَلَيْهِمْ عَلَى السَّوِيَّةِ وَهَلْ يَرْجِعُ صَاحِبُ الْقَلِيلِ عَلَى صَاحِبِ الْكَثِيرِ بِالزِّيَادَةِ؟ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: لَا يَرْجِعُ وَقَالَا: يَرْجِعُ وَكَذَلِكَ إذَا وَكَّلُوا رَجُلًا لِيَسْتَأْجِرَ رَجُلًا يَقْسِمُ بَيْنَهُمْ فَاسْتَأْجَرَ الْوَكِيلُ فَإِنَّ الْأُجْرَةَ عَلَى الْوَكِيلِ وَاخْتَلَفُوا فِي الرُّجُوعِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: يَرْجِعُ عَلَيْهِمْ بِالْأُجْرَةِ عَلَى السَّوَاءِ وَقَالَا: يَرْجِعُ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ بِقَدْرِ الْمِلْكِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَإِذَا اسْتَأْجَرُوا رَجُلًا لِكَيْلِ طَعَامٍ مُشْتَرَكٍ أَوْ ذَرْعِ ثَوْبٍ مُشْتَرَكٍ بَيْنَهُمْ إنْ كَانَ الِاسْتِئْجَارُ لِلْقِسْمَةِ فَهُوَ عَلَى الْخِلَافِ الَّذِي بَيَّنَّا وَإِنْ كَانَ الِاسْتِئْجَارُ عَلَى نَفْسِ الْكَيْلِ وَالذَّرْعِ لِيَصِيرَ الْمَكِيلُ أَوْ الثَّوْبُ مَعْلُومَ الْقَدْرِ فَالْأَجْرُ عَلَى قَدْرِ الْأَنْصِبَاءِ وَفِي الْمُنْتَقَى إبْرَاهِيمُ عَنْ مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي أَكْرَارَ حِنْطَةٍ بَيْنَ رَجُلَيْنِ فَأَجْرُ الْكَيَّالِ عَلَى مَقَادِيرِ الْأَنْصِبَاءِ وَأَجْرُ الْحَسَّابِ عَلَى الرُّءُوسِ قَالَ: مَا كَانَ مِنْ عَمَلٍ فَهُوَ عَلَى الْأَنْصِبَاءِ وَمَا كَانَ مِنْ حِسَابٍ فَهُوَ عَلَى الرُّءُوسِ فِي قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَفِي قَوْلِهِمَا عَلَى الْأَنْصِبَاءِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
ذَكَرَ هِشَامٌ عَنْ مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى أَرْضٌ بَيْنَ رَجُلَيْنِ بَنَى فِيهَا أَحَدُهُمَا فَقَالَ الْآخَرُ: ارْفَعْ عَنْهَا بِنَاءَك فَإِنَّهُ يَقْسِمُ الْأَرْضَ بَيْنَهُمَا فَمَا وَقَعَ مِنْ الْبِنَاءِ فِي نَصِيبِ الَّذِي لَمْ يَبْنِ فَلَهُ أَنْ يَرْفَعَهُ أَوْ يُرْضِيَهُ بِأَدَاءِ الْقِيمَةِ لِأَنَّهُ لَوْ رَفَعَ يَبْطُلُ حَقُّ الْبَانِي فِي الْكُلِّ وَلَوْ قَسَّمَ لَا يَبْطُلُ فِي الْقَدْرِ الَّذِي بَنَى فِي مِلْكِهِ فَكَانَتْ الْقِسْمَةُ أَوْلَى كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَإِذَا طَلَبَ أَحَدُ الشُّرَكَاءِ الْقِسْمَةَ وَأَبَى الْبَاقُونَ فَاسْتَأْجَرَ الطَّالِبُ قَسَّامًا كَانَ الْأَجْرُ عَلَيْهِ خَاصَّةً فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَقَالَ صَاحِبَاهُ: يَكُونُ عَلَى الْكُلِّ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَذَكَرَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ فِي شَرْحِ كِتَابِ الْقِسْمَةِ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ إذَا بَنَى فِي أَرْضٍ مُشْتَرَكَةٍ بِغَيْرِ إذْنِ شَرِيكِهِ فَلِشَرِيكِهِ أَنْ يَنْقُضَ بِنَاءَهُ وَفِيهِ أَيْضًا عَبْدَانِ بَيْنَ رَجُلَيْنِ غَابَ أَحَدُ الرَّجُلَيْنِ فَجَاءَ أَجْنَبِيٌّ إلَى الشَّرِيكِ الْحَاضِرِ وَقَالَ: قَاسِمْنِي هَذَيْنِ الْعَبْدَيْنِ عَلَى فُلَانٍ الْغَائِبِ فَإِنَّهُ يَسْتَحْسِنُ قِسْمَتِي فَقَاسَمَهُ الْحَاضِرُ وَأَخَذَ الْحَاضِرُ عَبْدًا وَاحِدًا وَالْأَجْنَبِيُّ عَبْدًا ثُمَّ قَدِمَ الْغَائِبُ وَأَجَازَ الْقِسْمَةَ ثُمَّ مَاتَ الْعَبْدُ فِي يَدِ الْأَجْنَبِيِّ فَالْقِسْمَةُ جَائِزَةٌ وَقَبْضُ الْأَجْنَبِيِّ لَهُ جَائِزٌ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِيهِ وَإِنْ مَاتَ قَبْلَ الْإِجَازَةِ بَطَلَتْ الْقِسْمَةُ وَلِلْغَائِبِ نِصْفُ الْعَبْدِ الْبَاقِي وَهُوَ بِالْخِيَارِ فِي تَضْمِينِ حِصَّتِهِ مِنْ الْعَبْدِ الْمَيِّتِ إنْ شَاءَ ضَمَّنَ الَّذِي مَاتَ فِي يَدِهِ وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ شَرِيكَهُ وَأَيُّهُمَا ضَمِنَ لَا يَرْجِعُ عَلَى الْآخَرِ بِمَا ضَمِنَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَلَوْ وَقَعَتْ شَجَرَةٌ فِي نَصِيبِ أَحَدِهِمَا أَغْصَانُهَا مُتَدَلِّيَةٌ فِي نَصِيبِ الْآخَرِ لَا يُجْبِرُهُ عَلَى قَطْعِهَا لِأَنَّهُ اسْتَحَقَّ الشَّجَرَةَ بِأَغْصَانِهَا وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ.
وَقَعَ لِأَحَدِهِمَا فِي قِسْمِهِ بِنَاءٌ وَلِلْآخَرِ بِجَنْبِهِ سَاحَةٌ فَأَرَادَ صَاحِبُهَا بِنَاءَ بَيْتٍ فِي سَاحَتِهِ وَهُوَ يَسُدُّ الرِّيحَ وَالشَّمْسَ عَلَى صَاحِبِ الْبِنَاءِ فَلَهُ ذَلِكَ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَلَيْسَ لَهُ مَنْعُهُ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى وَقَالَ نُصَيْرٌ وَالصَّفَّارُ- رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى-: لَهُ مَنْعُهُ كَذَا فِي الْفَتَاوَى الصُّغْرَى.
ثَلَاثَةُ نَفَرٍ وَرِثُوا دَارًا عَنْ أَبِيهِمْ وَاقْتَسَمُوهَا أَثْلَاثًا وَتَقَابَضُوا ثُمَّ أَنَّ رَجُلًا غَرِيبًا اشْتَرَى مِنْ أَحَدِهِمْ قِسْمَهُ وَقَبَضَهُ ثُمَّ جَاءَ أَحَدُ الْبَاقِيَيْنِ وَقَالَ: أَنَا لَا أَقْسِمُ وَاشْتَرَى هَذَا الْمُشْتَرِي مِنْهُ الثُّلُثَ شَائِعًا مِنْ جَمِيعِ الدَّارِ ثُمَّ جَاءَ الِابْنُ الثَّالِثُ وَقَالَ: قَدْ اقْتَسَمْنَاهَا وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى ذَلِكَ وَصَدَّقَهُ الْبَائِعُ الْأَوَّلُ وَكَذَّبَهُ الْبَائِعُ الثَّانِي وَقَالَ الْمُشْتَرِي: لَا أَدْرِي أَقَسَّمْتُمْ أَمْ لَا فَالْقِسْمَةُ جَائِزَةٌ لِأَنَّ الْقِسْمَةَ ثَبَتَتْ بِحُجَّةٍ قَامَتْ مِنْ الْخَصْمِ وَالْقِسْمَةُ بَعْدَ تَمَامِهَا لَا تَبْطُلُ بِجُحُودِ بَعْضِ الشُّرَكَاءِ فَيَظْهَرُ أَنَّ الْأَوَّلَ بَاعَ نَصِيبَ نَفْسِهِ خَاصَّةً فَجَازَ بَيْعُهُ وَأَمَّا الثَّانِي إنَّمَا بَاعَ ثُلُثَ الدَّارِ شَائِعًا ثُلُثُ ذَلِكَ مِنْ قِسْمِهِ وَثُلُثَا ذَلِكَ مِنْ نَصِيبِ غَيْرِهِ فَيَنْفُذُ بَيْعُهُ فِي نَصِيبِ نَفْسِهِ خَاصَّةً فَجَازَ بَيْعُهُ وَيَتَخَيَّرُ الْمُشْتَرِي فِيهِ إنْ شَاءَ أَخَذَ ثُلُثَ قِسْمِهِ بِثُلُثِ الثَّمَنِ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ لِتَفَرُّقِ الصَّفْقَةِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
إذَا اقْتَسَمَ الْوَرَثَةُ التَّرِكَةَ فِيمَا بَيْنَهُمْ بِالتَّرَاضِي عَلَى فَرَائِضِ اللَّهِ تَعَالَى وَأَفْرَزُوا لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ نَصِيبَهُ ثُمَّ أَرَادُوا أَنْ يُبْطِلُوا الْقِسْمَةَ بِالتَّرَاضِي وَيَجْعَلُوا الدُّورَ وَالْأَرَاضِي مُشْتَرَكَةً مُشَاعًا كَمَا.
كَانَتْ فَلَهُمْ ذَلِكَ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.
قَالَ: وَإِذَا كَانَتْ الدَّارُ بَيْنَ رَجُلَيْنِ فَبَاعَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ مِنْ بَيْتٍ مِنْهَا كَانَ لِشَرِيكِهِ أَنْ يُبْطِلَ الْبَيْعَ وَكَذَلِكَ لَوْ بَاعَ بَيْتًا مِنْهَا لَا يَجُوزُ إلَّا بِإِجَازَةِ الشَّرِيكِ فَإِنْ أَجَازَ شَرِيكُهُ جَازَ وَالْبَيْتُ لِلْمُشْتَرِي وَالْبَاقِي بَيْنَهُمَا وَإِنْ لَمْ يَجُزْ بَطَلَ الْبَيْعُ وَكَذَلِكَ لَوْ بَاعَ ذِرَاعًا مِنْ الْأَرْضِ أَوْ مَكَانًا مَعْلُومًا وَلَوْ كَانَتْ ثِيَابٌ بَيْنَ رَجُلَيْنِ أَوْ غَنَمٌ أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِمَّا يُقَسَّمُ فَبَاعَ أَحَدُهُمَا حِصَّتَهُ مِنْ شَاةٍ أَوْ ثَوْبٍ فَإِنَّهُ يَجُوزُ وَلَيْسَ لِشَرِيكِهِ أَنْ يُبْطِلَهُ فِي رِوَايَةِ مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَفِي رِوَايَةِ الْحَسَنِ بْنِ زِيَادٍ هَذَا وَالْمَسْأَلَةُ الْأُولَى سَوَاءٌ فَلَا يَجُوزُ إلَّا بِإِجَازَةِ شَرِيكِهِ وَبِهِ أَخَذَ الطَّحَاوِيُّ (قَالَ): وَمَنْ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَجُلٍ دَارٌ فَأَقَرَّ بِبَيْتٍ مِنْهَا لِرَجُلٍ وَأَنْكَرَ ذَلِكَ صَاحِبُهُ فَإِنَّ هَذَا الْإِقْرَارَ مَوْقُوفٌ غَيْرُ مُتَعَلِّقٍ بِالْعَيْنِ لِحَقِّ الْآخَرِ فَيُجْبَرُ عَلَى الْقِسْمَةِ فَإِنْ وَقَعَ الْبَيْتُ فِي نَصِيبِ الْمُقِرِّ يَدْفَعُ إلَيْهِ وَإِنْ وَقَعَ فِي نَصِيبِ الْآخَرِ فَإِنَّهُ يُقَسِّمُ مَا أَصَابَ الْمُقِرَّ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُقَرِّ لَهُ يَضْرِبُ الْمُقَرُّ لَهُ بِذَرْعِ الْبَيْتِ وَيَضْرِبُ الْمُقِرُّ بِنِصْفِ ذَرْعِ الدَّارِ بَعْدَ ذَرْعِ الْبَيْتِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى وَفِي قَوْلِ مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى يَضْرِبُ الْمُقِرُّ كَمَا قَالَا وَيَضْرِبُ الْمُقَرُّ لَهُ بِنِصْفِ ذَرْعِ الْبَيْتِ لَا بِجَمِيعِهِ وَبَيَانُ ذَلِكَ أَنْ يَجْعَلَ جَمِيعَ ذَرْعِ الدَّارِ مِائَةً مَعَ الْبَيْتِ وَذَرْعَ الْبَيْتِ عَشْرَةً فَإِنَّ الدَّارَ تُقَسَّمُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ ثُمَّ مَا أَصَابَ الْمُقِرَّ يُجْعَلُ عَلَى خَمْسَةٍ وَخَمْسِينَ سَهْمًا يَضْرِبُ الْمُقَرُّ لَهُ بِعَشْرَةٍ وَذَلِكَ جَمِيعُ ذَرْعِ الْبَيْتِ وَيَضْرِبُ الْمُقِرُّ بِخَمْسَةٍ وَأَرْبَعِينَ سَهْمًا.
وَذَلِكَ نِصْفُ الْبَاقِي بَعْدَ ذَرْعِ الْبَيْتِ فَاجْعَلْ كُلَّ خَمْسَةٍ سَهْمًا فَيَصِيرُ مَا أَصَابَهُ عَلَى أَحَدَ عَشَرَ سَهْمًا سَهْمَانِ لِلْمُقَرِّ لَهُ وَتِسْعَةُ أَسْهُمٍ لِلْمُقِرِّ وَفِي قَوْلِ مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى يُقَسِّمُ عَلَى عَشَرَةِ أَسْهُمٍ لِأَنَّ الْمُقَرَّ لَهُ يَضْرِبُ بِخَمْسَةِ أَذْرُعٍ عِنْدَهُ هَذَا إذَا كَانَ الْإِقْرَارُ بِشَيْءٍ يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ كَالدَّارِ وَنَحْوِهَا فَإِنْ كَانَ فِي شَيْءٍ لَا يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ كَالْحَمَّامِ أَقَرَّ أَحَدُهُمَا بِبَيْتٍ مِنْهُ بِعَيْنِهِ لِرَجُلٍ وَأَنْكَرَ شَرِيكُهُ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ نِصْفُ قِيمَةِ ذَلِكَ وَكَذَلِكَ لَوْ أَقَرَّ بِجِذْعٍ فِي الدَّارِ كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ.
وَإِذَا كَانَ بَيْنَ رَجُلَيْنِ شَيْءٌ مِنْ الْمَكِيلِ أَوْ الْمَوْزُونِ وَهُوَ فِي يَدِ أَحَدِهِمَا وَاقْتَسَمَاهُ فَاَلَّذِي لَيْسَ فِي يَدِهِ لَمْ يَقْبِضْ نَصِيبَهُ حَتَّى هَلَكَ نَصِيبَهُ فَاَلَّذِي هَلَكَ يَهْلِكُ عَلَيْهِمَا وَاَلَّذِي بَقِيَ فَهُوَ بَيْنَهُمَا الْأَصْلُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَأَجْنَاسِهَا أَنَّ فِي قِسْمَةِ الْمَكِيلِ أَوْ الْمَوْزُونِ إذَا هَلَكَ نَصِيبُ أَحَدِهِمَا قَبْلَ الْقَبْضِ تَنْتَقِضُ الْقِسْمَةُ وَيَعُودُ الْأَمْرُ إلَى مَا كَانَ قَبْلَ الْقِسْمَةِ وَلَوْ كَانَ الْهَالِكُ نَصِيبُ مَنْ كَانَ الْمَكِيلُ أَوْ الْمَوْزُونُ فِي يَدِهِ دُونَ نَصِيبِ الْآخَرِ لَا تُنْتَقَضُ الْقِسْمَةُ وَعَنْ هَذَا الْأَصْلِ قُلْنَا: إنَّ الدِّهْقَان إذَا قَالَ لِلْأَكَّارِ: اقْسِمْ الْغَلَّةَ وَاعْزِلْ نَصِيبِي مِنْ نَصِيبِك فَفَعَلَ ثُمَّ هَلَكَ نَصِيبُ أَحَدِهِمَا قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَ الدِّهْقَانُ نَصِيبَهُ إنْ هَلَكَ نَصِيبُ الدِّهْقَانِ فَالْقِسْمَةُ تُنْتَقَضُ وَيَرْجِعُ الدِّهْقَانُ عَلَى الْأَكَّارِ بِنِصْفِ مَا قَبَضَ لِأَنَّ نَصِيبَ الدِّهْقَانِ هَلَكَ قَبْلَ قَبْضِهِ وَإِنْ هَلَكَ نَصِيبُ الْأَكَّارِ لَا تُنْتَقَضُ الْقِسْمَةُ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَإِنْ قَسَّمَ الصُّبْرَةَ وَأَفْرَزَ نَصِيبَ الدِّهْقَانِ وَحَمَلَ نَصِيبَ نَفْسِهِ إلَى بَيْتِهِ أَوَّلًا فَلَمَّا رَجَعَ إذَا قَدْ هَلَكَ مَا أَفْرَزَهُ لِلدِّهْقَانِ كَانَ الْهَلَاكُ عَلَى صَاحِبِهِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
إذَا مَاتَ الرَّجُلُ وَتَرَكَ وَرَثَةً وَأَوْصَى بِثُلُثِ مَالِهِ لِلْمَسَاكِينِ فَقَسَّمَ الْقَاضِي وَعَزَلَ الثُّلُثَ لِلْمَسَاكِينِ وَالثُّلُثَيْنِ لِلْوَرَثَةِ فَلَمْ يُعْطِ أَحَدًا مِنْهُمْ شَيْئًا حَتَّى ضَاعَ الثُّلُثُ أَوْ الثُّلُثَانِ كَانَ مَا ضَاعَ عَلَيْهِمْ جَمِيعًا وَتُعَادُ الْقِسْمَةُ وَبِمِثْلِهِ الْقَاضِي لَوْ أَعْطَى الثُّلُثَ لِلْمَسَاكِينِ وَضَاعَ الثُّلُثَانِ وَالْوَرَثَةُ غُيَّبٌ أَوْ وَاحِدٌ مِنْهُمْ غَائِبٌ أَوْ صَغِيرٌ فَالثُّلُثَانِ يَضِيعَانِ مِنْ مَالِ الْوَرَثَةِ رَجُلَانِ بَيْنَهُمَا طَعَامٌ أَمَرَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ بِالْقِسْمَةِ وَدَفَعَ إلَيْهِ جُوَالِقًا فَقَالَ: كُلْ حِصَّتِي مِنْ الطَّعَامِ فِيهِ فَفَعَلَ فَهُوَ جَائِزٌ وَهَذَا قَبْضٌ وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ: أَعِرْنِي جَوَالِقَك هَذَا وَكِلْ حِصَّةً لِي فِيهِ وَإِنْ قَالَ: أَعِرْنِي جُوَالَقًا مِنْ عِنْدِك وَلَمْ يَقُلْ هَذَا وَكِلْ لِي فِيهِ فَفَعَلَ فَهَذَا لَيْسَ بِقَبْضٍ لِحِصَّتِهِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
وَإِنْ حَضَرَ جَمَاعَةٌ وَالْتَمَسُوا مِنْ الْحَاكِمِ أَنْ يُقَسِّمَ التَّرِكَةَ بَيْنَهُمْ وَادَّعُوا بِأَنَّهَا مِيرَاثٌ لَمْ يُقَسِّمْهَا حَتَّى يُقِيمُوا الْبَيِّنَةَ عَلَى مَوْتِهِ وَعَدَدِ وَرَثَتِهِ فَإِنْ شَهِدَ الشُّهُودُ بِالْمَوْتِ وَقَالُوا: إنَّهُ لَا وَارِثَ لِلْمَيِّتِ غَيْرَ هَؤُلَاءِ لَمْ تُقْبَلْ شَهَادَتُهُمْ فِي الْقِيَاسِ وَفِي الِاسْتِحْسَانِ تُقْبَلُ وَإِنْ قَالُوا: لَا نَعْلَمُ لَهُ وَارِثًا غَيْرَ هَؤُلَاءِ قُبِلَتْ شَهَادَتُهُمْ قِيَاسًا وَاسْتِحْسَانًا وَإِنْ قَالُوا: لَا نَعْلَمُ لَهُ وَارِثًا غَيْرَ هَؤُلَاءِ فِي هَذَا الْمِصْرِ فَكَذَلِكَ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى.
وَعِنْدَهُمَا لَا تُقْبَلُ فَإِذَا قُبِلَتْ شَهَادَتُهُمْ عَلَى الِاخْتِلَافِ الَّذِي ذَكَرْنَا تُقَسَّمُ التَّرِكَةُ بَيْنَهُمْ عَلَى فَرَائِضِ اللَّهِ تَعَالَى يَسْتَوِي فِيهَا مَنْ يَحْجُبُ بِغَيْرِهِ لَوْ ظَهَرَ وَمَنْ لَا يَحْجُبُ إلَّا الزَّوْجَ وَالزَّوْجَةَ فَإِنَّهُ يُعْطِي لَهُمَا أَكْثَرَ النَّصِيبَيْنِ لِلزَّوْجِ النِّصْفُ وَلِلزَّوْجَةِ الرُّبْعُ فَإِنْ شَهِدُوا بِالْمَوْتِ وَسَكَتُوا عَمَّا سِوَاهُ لَمْ يُقَسِّمْهَا عُرُوضًا كَانَتْ التَّرِكَةُ أَوْ عَقَارًا وَإِنْ كَانَ مِمَّنْ يُحْجَبُ بِغَيْرِهِ كَالْعَمِّ وَالْجَدِّ وَالْإِخْوَةِ وَالْأَخَوَاتِ لَا يُقَسِّمُهَا بَيْنَهُمْ عُرُوضًا كَانَتْ التَّرِكَةُ أَوْ عَقَارًا وَإِنْ كَانَ مِمَّنْ لَا يُحْجَبُ كَالْأَبِ وَالْأُمِّ وَالْوَلَدِ قَسَّمَهَا بَيْنَهُمْ عَلَى فَرَائِضِ اللَّهِ تَعَالَى إلَّا أَنَّ الزَّوْجَ وَالزَّوْجَةَ يُعْطَى أَقَلَّ النَّصِيبَيْنِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَأَكْثَرَ النَّصِيبَيْنِ فِي قَوْلِ مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: يُعْطَى الزَّوْجُ الرُّبْعَ وَلِلزَّوْجَةِ رُبْعُ الثَّمَنِ وَفِي رِوَايَةٍ لِلزَّوْجِ الْخُمْسُ وَلِلزَّوْجَةِ رُبْعُ التُّسْعِ كَذَا فِي الْيَنَابِيعِ.
رَجُلٌ مَاتَ عَنْ امْرَأَةٍ وَابْنَيْنِ وَالْمَرْأَةُ تَدَّعِي أَنَّهَا حَامِلٌ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ: تُعْرَضُ عَلَى امْرَأَةٍ هِيَ ثِقَةٌ أَوْ امْرَأَتَيْنِ حَتَّى تَمَسَّ جَنْبَيْهَا فَإِنْ لَمْ تَقِفْ عَلَى شَيْءٍ مِنْ عَلَامَاتِ الْحَمْلِ يُقَسَّمُ الْمِيرَاثُ وَإِنْ وَقَفَتْ عَلَى شَيْءٍ مِنْ عَلَامَاتِ الْحَمْلِ إنْ تَرَبَّصُوا حَتَّى تَلِدَ فَإِنَّهُ لَا يُقَسَّمُ وَكَذَا لَوْ مَاتَ الرَّجُلُ وَتَرَكَ امْرَأَةً حَامِلًا وَابْنًا فَإِنَّ الْقَاضِي لَا يُقَسِّمُ الْمِيرَاثَ حَتَّى تَلِدَ فَإِنْ كَانَ الْوَارِثُ أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدٍ وَلَمْ يَنْتَظِرُوا الْوِلَادَةَ إنْ كَانَتْ الْوِلَادَةُ بَعِيدَةً يُقَسَّمُ وَإِنْ كَانَتْ قَرِيبَةً لَا يُقَسَّمُ وَمِقْدَارُ الْقُرْبِ وَالْبُعْدِ مُفَوَّضٌ إلَى رَأْيِ الْقَاضِي وَإِذَا قُسِّمَتْ التَّرِكَةُ يُوقَفُ نَصِيبُ الْحَمْلِ وَاخْتَلَفُوا فِي مِقْدَارِ مَا يُوقَفُ وَذَكَرَ الْخَصَّافُ عَنْ أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى نَصِيبُ ابْنٍ وَاحِدٍ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى هَذَا إذَا كَانَتْ الْوَرَثَةُ مِمَّنْ يَرِثُونَ مَعَ الْحَمْلِ إنْ كَانَ ابْنًا فَإِنْ كَانُوا لَا يَرِثُونَ مَعَ الِابْنِ بِأَنْ مَاتَ عَنْ إخْوَةٍ وَامْرَأَةٍ حَامِلٍ يُوقَفُ جَمِيعُ التَّرِكَةِ وَلَا تُقَسَّمُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
إذَا مَاتَ صَاحِبُ الدَّارِ وَتَرَكَ وَرَثَةً كِبَارًا وَامْرَأَةً حَامِلًا قَسَّمَ الدَّارَ بَيْنَهُمْ وَلَا يَعْزِلُ نَصِيبَهُ فَإِذَا وَلَدَتْ وَلَدًا تُسْتَأْنَفُ الْقِسْمَةُ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.
رَجُلٌ مَاتَ عَنْ امْرَأَةٍ حَامِلٍ وَابْنَيْنِ وَابْنَتَيْنِ فَطَلَبَ الْأَوْلَادُ قِسْمَةَ الْمِيرَاثِ قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: لَهَا ثُمْنُ الْمِيرَاثِ خَمْسَةٌ مِنْ أَرْبَعِينَ سَهْمًا وَلِلِابْنَتَيْنِ سَبْعَةُ أَسْهُمٍ وَلِلِابْنَيْنِ أَرْبَعَةَ عَشَرَ وَيُوقَفُ لِأَجْلِ الْحَمْلِ أَرْبَعَةَ عَشَرَ وَعَلَى مَا اخْتَارُوا لِلْفَتْوَى يُوقَفُ نَصِيبُ ابْنٍ وَاحِدٍ وَتَخْرُجُ الْمَسْأَلَةُ مِنْ أَرْبَعَةٍ وَسِتِّينَ ثَمَانِيَةُ أَسْهُمٍ لِلْمَرْأَةِ وَأَرْبَعَةَ عَشَرَ لِلِابْنَتَيْنِ وَثَمَانِيَةٌ وَعِشْرُونَ لِلِابْنَيْنِ وَيُوقَفُ لِأَجْلِ الْحَمْلِ نَصِيبُ ابْنٍ وَاحِدٍ أَرْبَعَةَ عَشَرَ، حَامِلٌ مَاتَتْ وَفِي بَطْنِهَا وَلَدٌ يَتَحَرَّكُ مِقْدَارَ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ فَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ: مَاتَ الْوَلَدُ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَمْ يَمُتْ فَدُفِنَتْ الْمَرْأَةُ كَذَلِكَ ثُمَّ نَبَشُوهَا فَإِذَا مَعَهَا ابْنَةٌ مَيِّتَةٌ وَتَرَكَتْ الْمَرْأَةُ زَوْجًا وَأَبَوَيْنِ هَلْ يَكُونُ لِهَذِهِ الْبِنْتِ الَّتِي وُجِدَتْ شَيْءٌ مِنْ الْمَالِ؟ قَالَ مَشَايِخُ بَلْخٍ رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى: إنْ أَقَرَّتْ الْوَرَثَةُ أَنَّ هَذِهِ ابْنَتُهَا خَرَجَتْ بَعْدَ وَفَاتِهَا حَيَّةً وَرَثَتْهَا الِابْنَةُ ثُمَّ تَرِثُ مِنْ الِابْنَةِ وَرَثَتُهَا وَإِنْ جَحَدُوا لِمَ يُقْضَ لَهَا بِالْمِيرَاثِ إلَّا أَنْ يَشْهَدَ عُدُولٌ أَنَّهَا وَلَدَتْهَا حَيَّةً وَإِنَّمَا يَسَعهُمْ الشَّهَادَةُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ إذَا لَمْ يُفَارِقُوا قَبْرَهَا مُنْذُ دُفِنَتْ إلَى أَنْ نُبِشَ وَقَدْ سَمِعُوا صَوْتَ الْوَلَدِ مِنْ تَحْتِ الْقَبْرِ حَتَّى يَحْصُلَ لَهُمْ الْعِلْمُ بِذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ شُهُودٌ وَحَلَفَ الْوَرَثَةُ عَلَى الْعِلْمِ فَإِنْ حَلَفُوا لَا يَكُونُ لَهَا الْمِيرَاثُ وَإِذَا خَرَجَ رَأْسُ الْوَلَدِ وَهُوَ يَصِيحُ ثُمَّ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يَخْرُجَ الْبَاقِي لَا مِيرَاثَ لَهُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
عَيَّنَ بَعْضُ الشُّرَكَاءِ فِي الْأَرْضِ رَجُلَيْنِ وَقَالَ لَهُمَا: اقْتَسِمَاهَا عَلَيَّ بِالسَّوِيَّةِ مَعَهُمْ ثُمَّ قَالَا: فَعَلْنَا ذَلِكَ فَقَالَ: إنْ فَعَلْتُمَا بِالسَّوِيَّةِ فَهُوَ جَيِّدٌ ثُمَّ لَمَّا وَقَفَ عَلَى الْقِسْمَةِ أَنْكَرَهَا وَقَالَ: فِيهَا غَبْنٌ فَاحِشٌ هَلْ تَصِحُّ هَذِهِ الْقِسْمَةُ؟ فَكَتَبَ لَا قُسِّمَتْ بَيْنَ الشُّرَكَاءِ وَفِيهِمْ شَرِيكٌ غَائِبٌ فَلَمَّا وَقَفَ عَلَيْهَا قَالَ: لَا أَرْضَى لِغَبْنٍ فِيهَا ثُمَّ أَذِنَ لِحُرَّاثِهِ فِي زِرَاعَةِ نَصِيبِهِ لَا يَكُونُ هَذَا رِضَاءً بِتِلْكَ الْقِسْمَةِ بَعْدَمَا رَدَّ أَرْضٌ قُسِّمَتْ فَلَمْ يَرْضَ أَحَدُ الشُّرَكَاءِ بِنَصِيبِهِ ثُمَّ زَرَعَهُ بَعْدَ ذَلِكَ لَمْ يُعْتَبَرْ فَإِنَّ الْقِسْمَةَ تَرْتَدُّ بِالرَّدِّ كَذَا فِي الْقُنْيَةِ.
وَإِذَا كَانَ فِي يَدَيْ رَجُلٍ بَيْتٌ مِنْ الدَّارِ وَفِي يَدِ آخَرَ بَيْتَانِ وَفِي يَدِ آخَرَ مَنْزِلٌ عَظِيمٌ وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ يَدَّعِي جَمِيعَ الدَّارِ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ مَا فِي يَدِهِ وَسَاحَةُ الدَّارِ بَيْنَهُمْ أَثْلَاثًا وَإِنْ مَاتَ أَحَدُهُمْ عَنْ وَرَثَةٍ كَانَ لِوَرَثَتِهِ ثُلُثُ السَّاحَةِ وَإِنْ اقْتَسَمُوا دَارًا وَرَفَعُوا طَرِيقًا بَيْنَهُمْ صَغِيرًا أَوْ عَظِيمًا أَوْ مَسِيل مَاءٍ كَذَلِكَ فَهُوَ جَائِزٌ.
كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

.(كِتَابُ الْمُزَارَعَةِ):

(وَفِيهِ أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ بَابًا):

.(الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي شَرْعِيَّتِهَا وَتَفْسِيرِهَا وَرُكْنِهَا وَشَرَائِطِ جَوَازِهَا وَحُكْمِهَا وَصِفَتِهَا):

(أَمَّا) (شَرْعِيَّتُهَا) فَهِيَ فَاسِدَةٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَعِنْدَهُمَا جَائِزَةٌ وَالْفَتْوَى عَلَى قَوْلِهِمَا لِحَاجَةِ النَّاسِ.
(وَأَمَّا تَفْسِيرُهَا شَرْعًا) فَهِيَ عِبَارَةٌ عَنْ عَقْدِ الزِّرَاعَةِ بِبَعْضِ الْخَارِجِ وَهُوَ إجَارَةُ الْأَرْضِ أَوْ الْعَامِلِ بِبَعْضِ الْخَارِجِ هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
(وَأَمَّا) (رُكْنُهَا) فَالْإِيجَابُ وَالْقَبُولُ وَهُوَ أَنْ يَقُولَ صَاحِبُ الْأَرْضِ لِلْعَامِلِ: دَفَعْت إلَيْك هَذِهِ الْأَرْضَ مُزَارَعَةً بِكَذَا وَيَقُولَ الْعَامِلُ: قَبِلْت أَوْ رَضِيت أَوْ مَا يَدُلُّ عَلَى قَبُولِهِ وَرِضَاهُ فَإِذَا وُجِدَا تَمَّ الْعَقْدَ بَيْنَهُمَا.
(وَأَمَّا شَرَائِطُهَا فَنَوْعَانِ) شَرَائِطُ مُصَحِّحَةٌ لِلْعَقْدِ عَلَى قَوْلِ مَنْ يُجِيزُ الْمُزَارَعَةَ وَشَرَائِطُ مُفْسِدَةٌ لَهُ.
أَمَّا الْمُصَحِّحَةُ فَأَنْوَاعٌ بَعْضُهَا يَرْجِعُ إلَى الْمُزَارِعِ وَبَعْضُهَا يَرْجِعُ إلَى الْآلَةِ لِلْمُزَارَعَةِ وَبَعْضُهَا يَرْجِعُ إلَى الْمَزْرُوعِ وَبَعْضُهَا يَرْجِعُ إلَى الْخَارِجِ مِنْ الزَّرْعِ وَبَعْضُهَا يَرْجِعُ إلَى الْمَزْرُوعِ فِيهِ وَبَعْضُهَا يَرْجِعُ إلَى مُدَّةِ الْمُزَارَعَةِ.
أَمَّا الَّذِي يَرْجِعُ إلَى الْمُزَارِعِ فَنَوْعَانِ: الْأَوَّلُ أَنْ يَكُونَ عَاقِلًا فَلَا تَصِحُّ مُزَارَعَةُ الْمَجْنُونِ وَالصَّبِيِّ الَّذِي لَا يَعْقِلُ الْمُزَارَعَةَ وَأَمَّا الْبُلُوغُ فَلَيْسَ بِشَرْطٍ لِجَوَازِ الْمُزَارَعَةِ حَتَّى تَجُوزُ مُزَارَعَةُ الصَّبِيِّ الْمَأْذُونِ دَفْعَةً وَاحِدَةً وَكَذَلِكَ الْحُرِّيَّةُ لَيْسَتْ بِشَرْطٍ لِصِحَّةِ الْمُزَارَعَةِ فَتَصِحُّ الْمُزَارَعَةُ مِنْ الْعَبْدِ الْمَأْذُونِ دَفْعَةً وَاحِدَةً وَالثَّانِي أَنْ لَا يَكُونَ مُرْتَدًّا عَلَى قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي قِيَاسِ قَوْلِ مَنْ أَجَازَ وَعِنْدَهُمَا هَذَا لَيْسَ بِشَرْطٍ لِجَوَازِ الْمُزَارَعَةِ وَمُزَارَعَةُ الْمُرْتَدِّ نَافِذَةٌ لِلْحَالِ وَأَمَّا الَّذِي يَرْجِعُ إلَى الْمَزْرُوعِ فَهُوَ أَنْ يَكُونَ مَعْلُومًا وَهُوَ أَنْ يُبَيِّنَ مَا زُرِعَ إلَّا إذَا قَالَ لَهُ: ازْرَعْ فِيهَا مَا شِئْت فَيَجُوزُ وَلَهُ أَنْ يَزْرَعَهَا مَا شَاءَ إلَّا أَنَّهُ لَا يَمْلِكُ الْغَرْسَ لِأَنَّ الدَّاخِلَ تَحْتَ الْعَقْدِ الزَّرْعُ دُونَ الْغَرْسِ هَكَذَا فِي الْبَدَائِعِ وَلَا يُشْتَرَطُ بَيَانُ مِقْدَارِ الْبَذْرِ لِأَنَّ ذَلِكَ يَصِيرُ مَعْلُومًا بِإِعْلَامِ الْأَرْضِ إنْ لَمْ يُبَيِّنَا جِنْسَ الْبَذْرِ إنْ كَانَ الْبَذْرُ مِنْ قِبَلِ صَاحِبِ الْأَرْضِ جَازَ لِأَنَّ فِي حَقِّهِ الْمُزَارَعَةَ لَا تَتَأَكَّدُ قَبْلَ إلْقَاءِ الْبَذْرِ وَعِنْدَ إلْقَاءِ الْبَذْرِ يَصِيرُ الْأَمْرُ مَعْلُومًا وَالْإِعْلَامُ عِنْدَ التَّأْكِيدِ يَكُونُ بِمَنْزِلَةِ الْإِعْلَامِ وَقْتَ الْعَقْدِ وَإِنْ كَانَ الْبَذْرُ مِنْ قِبَلِ الْعَامِلِ وَلَمْ يُبَيِّنَا جِنْسَ الْبَذْرِ كَانَتْ الْمُزَارَعَةُ فَاسِدَةً لِأَنَّهَا لَازِمَةٌ فِي حَقِّ صَاحِبِ الْأَرْضِ قَبْلَ إلْقَاءِ الْبَذْرِ فَلَا تَجُوزُ إلَّا إذَا فَوَّضَ الْأَمْرَ إلَى الْعَامِلِ عَلَى وَجْهِ الْعُمُومِ بِأَنْ قَالَ لَهُ رَبُّ الْأَرْضِ عَلَى أَنْ تَزْرَعَهَا مَا بَدَا لَك أَوْ بَدَا لِي لِأَنَّهُ لَمَّا فَوَّضَ الْأَمْرَ إلَيْهِ فَقَدْ رَضِيَ بِالضَّرَرِ وَإِنْ لَمْ يُفَوِّضْ الْأَمْرَ إلَيْهِ عَلَى وَجْهِ الْعُمُومِ وَكَانَ الْبَذْرُ مِنْ قِبَلِ الْعَامِلِ وَلَمْ يُبَيِّنَا جِنْسَ الْبَذْرِ فَسَدَتْ الْمُزَارَعَةُ فَإِذَا زَرَعَهَا شَيْئًا تَنْقَلِبُ جَائِزَةً لِأَنَّهُ خَلَّى بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْأَرْضِ وَتَرَكَهَا فِي يَدِهِ حَتَّى أَلْقَى الْبَذْرَ فَقَدْ تَحَمَّلَ الضَّرَرَ فَيَزُولُ الْمُفْسِدُ فَيَجُوزُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَأَمَّا الَّذِي يَرْجِعُ إلَى الْخَارِجِ مِنْ الزَّرْعِ فَأَنْوَاعٌ: مِنْهَا أَنْ يَكُونَ مَذْكُورًا فِي الْعَقْدِ حَتَّى لَوْ سَكَتَ عَنْهُ فَسَدَ الْعَقْدُ وَمِنْهَا أَنْ يَكُونَ لَهُمَا حَتَّى لَوْ شَرَطَا أَنْ يَكُونَ الْخَارِجُ لِأَحَدِهِمَا لَا يَصِحُّ الْعَقْدُ وَمِنْهَا أَنْ تَكُونَ حِصَّةُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْمُزَارِعِينَ بَعْضَ الْخَارِجِ حَتَّى لَوْ شَرَطَا أَنْ تَكُونَ مِنْ غَيْرِهِ لَا يَصِحُّ الْعَقْدُ لِأَنَّ مَعْنَى الشَّرِكَةِ لَازِمٌ لِهَذَا الْعَقْدِ.
فَكُلُّ شَرْطٍ يَكُونُ قَاطِعًا لِلشَّرِكَةِ يَكُونُ مُفْسِدًا لِلْعَقْدِ وَمِنْهَا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الْبَعْضُ مِنْ الْخَارِجِ مَعْلُومَ الْقَدْرِ مِنْ النِّصْفِ أَوْ الثُّلُثِ أَوْ الرُّبْعِ أَوْ نَحْوِهِ وَمِنْهَا أَنْ يَكُونَ جُزْءًا شَائِعًا مِنْ الْجُمْلَةِ حَتَّى لَوْ شُرِطَ لِأَحَدِهِمَا قُفْزَانٌ مَعْلُومَةٌ لَا يَصِحُّ الْعَقْدُ وَكَذَا إذَا ذَكَرَا جُزْءًا شَائِعًا وَشَرَطَا زِيَادَةَ أَقْفِزَةٍ مَعْلُومَةٍ لَا تَصِحُّ الْمُزَارَعَةُ وَعَلَى هَذَا إذَا شَرَطَا لِأَحَدِهِمَا الْبَذْرَ لِنَفْسِهِ وَأَنْ يَكُونَ الْبَاقِي بَيْنَهُمَا لَا تَصْلُحُ الْمُزَارَعَةُ لِجَوَازِ أَنْ لَا تُخْرِجَ الْأَرْضُ إلَّا قَدْرَ الْبَذْرِ.
وَأَمَّا الَّذِي يَرْجِعُ إلَى الْمَزْرُوعِ فِيهِ وَهُوَ الْأَرْضُ فَأَنْوَاعٌ: مِنْهَا أَنْ تَكُونَ صَالِحَةً لِلزِّرَاعَةِ حَتَّى لَوْ كَانَتْ سَبِخَةً أَوْ نَزَّةً لَا يَجُوزُ الْعَقْدُ وَأَمَّا إذَا كَانَتْ صَالِحَةً لِلزِّرَاعَةِ فِي الْمُدَّةِ لَكِنْ لَا يُمْكِنُ زَرْعُهَا وَقْتَ الْعَقْدِ بِعَارِضٍ مِنْ انْقِطَاعِ الْمَاءِ وَزَمَانِ الشِّتَاءِ وَنَحْوِهِ مِنْ الْعَوَارِضِ الَّتِي هِيَ عَلَى شَرَفِ الزَّوَالِ فِي الْمُدَّةِ.
تَجُوزُ مُزَارَعَتُهَا وَمِنْهَا أَنْ تَكُونَ مَعْلُومَةً فَإِنْ كَانَتْ مَجْهُولَةً لَا تَصِحُّ الْمُزَارَعَةُ لِأَنَّهَا تُؤَدِّي إلَى الْمُنَازَعَةِ وَلَوْ دَفَعَ الْأَرْضَ مُزَارَعَةً عَلَى أَنَّ مَا يُزْرَعُ فِيهَا حِنْطَةٌ فَكَذَا وَمَا يُزْرَعُ فِيهَا شَعِيرًا فَكَذَا فَسَدَ الْعَقْدُ لِأَنَّ الْمَزْرُوعَ فِيهِ مَجْهُولٌ وَكَذَا لَوْ قَالَ: عَلَى أَنْ يَزْرَعَ بَعْضَهَا حِنْطَةً وَبَعْضَهَا شَعِيرًا لِأَنَّ التَّنْصِيصَ عَلَى التَّبْعِيضِ تَنْصِيصٌ عَلَى التَّجْهِيلِ وَلَوْ قَالَ: عَلَى أَنْ مَا زَرَعْت فِيهَا حِنْطَةً فَكَذَا وَمَا زَرَعْت فِيهَا شَعِيرًا فَكَذَا جَازَ لِأَنَّهُ جَعَلَ الْأَرْضَ كُلَّهَا ظَرْفًا لِزَرْعِ الْحِنْطَةِ أَوْ لِزَرْعِ الشَّعِيرِ فَانْعَدَمَ التَّجْهِيلُ وَمِنْهَا أَنْ تَكُونَ الْأَرْضُ مُسَلَّمَةً إلَى الْعَاقِدِ مُخَلَّاةً وَهُوَ أَنْ يُوجَدَ مِنْ صَاحِبِ الْأَرْضِ التَّخْلِيَةُ بَيْنَ الْأَرْضِ وَالْعَامِلِ حَتَّى لَوْ شَرَطَ الْعَمَلَ عَلَى رَبِّ الْأَرْضِ لَا تَصِحُّ الْمُزَارَعَةُ لِانْعِدَامِ التَّخْلِيَةِ فَكَذَا إذَا اشْتَرَطَ عَمَلَهُمَا جَمِيعًا كَذَا فِي الْبَدَائِعِ.
وَالتَّخْلِيَةُ أَنْ يَقُولَ صَاحِبُ الْأَرْضِ لِلْعَامِلِ: سَلَّمْت إلَيْك الْأَرْضَ وَمِنْ التَّخْلِيَةِ أَنْ تَكُونَ الْأَرْضُ فَارِغَةً عِنْدَ الْعَقْدِ فَإِنْ كَانَ فِيهَا زَرْعٌ قَدْ نَبَتَ يَجُوزُ الْعَقْدُ وَيَكُونُ مُعَامَلَةً وَلَا يَكُونُ مُزَارَعَةً وَإِنْ كَانَ فِيهَا زَرْعٌ قَدْ أَدْرَكَ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّ الزَّرْعَ بَعْدَ الْإِدْرَاكِ لَا يَحْتَاجُ إلَى الْعَمَلِ فَتَعَذَّرَ تَجْوِيزُهَا مُعَامَلَةً هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَأَمَّا الَّذِي يَرْجِعُ إلَى آلَةِ الْمُزَارَعَةِ فَهُوَ أَنْ يَكُونَ الْبَقَرُ فِي الْعَقْدِ تَابِعًا فَإِنْ جُعِلَ مَقْصُودًا فِي الْعَقْدِ تَفْسُدُ الْمُزَارَعَةُ وَأَمَّا الَّذِي يَرْجِعُ إلَى الْمُدَّةِ فَهُوَ أَنْ تَكُونَ الْمُدَّةُ مَعْلُومَةً فَلَا تَصِحُّ الْمُزَارَعَةُ إلَّا بِبَيَانِ الْمُدَّةِ لِتَفَاوُتِ وَقْتِ ابْتِدَاءِ الزِّرَاعَةِ حَتَّى أَنَّهُ لَوْ كَانَ فِي مَوْضِعٍ لَا يَتَفَاوَتُ يَجُوزُ مِنْ غَيْرِ بَيَانِ الْمُدَّةِ وَهُوَ عَلَى أَوَّلِ زَرْعٍ يَخْرُجُ هَكَذَا فِي الْبَدَائِعِ وَإِنْ بَيَّنَا وَقْتًا لَا يُتَمَكَّنُ فِيهِ مِنْ الزِّرَاعَةِ فَسَدَتْ الْمُزَارَعَةُ وَصَارَ ذِكْرُهُ وَعَدَمُ ذِكْرِهِ سَوَاءً وَكَذَلِكَ إذَا بَيَّنَا مُدَّةً لَا يَعِيشُ أَحَدُهُمَا إلَى مِثْلِهَا غَالِبًا لَا تَجُوزُ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَمِنْهَا بَيَانُ النَّصِيبِ عَلَى وَجْهٍ لَا يَقْطَعُ الشَّرِكَةَ فِي الْخَارِجِ هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ فَإِنْ بَيَّنَا نَصِيبَ أَحَدِهِمَا يُنْظَرُ إنْ بَيَّنَا نَصِيبَ مَنْ لَا بَذْرَ مِنْ جِهَتِهِ جَازَتْ الْمُزَارَعَةُ قِيَاسًا وَاسْتِحْسَانًا وَإِنْ بَيَّنَا نَصِيبَ مَنْ كَانَ الْبَذْرُ مِنْ جِهَتِهِ جَازَتْ الْمُزَارَعَةُ اسْتِحْسَانًا كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
وَمِنْهَا بَيَانُ مَنْ كَانَ الْبَذْرُ مِنْ قِبَلِهِ لِأَنَّ الْبَذْرَ إنْ كَانَ مِنْ قِبَلِ صَاحِبِ الْأَرْضِ كَانَتْ الْمُزَارَعَةُ اسْتِئْجَارًا لِلْعَامِلِ وَإِنْ كَانَ الْبَذْرُ مِنْ قِبَلِ الْعَامِلِ كَانَتْ الْمُزَارَعَةُ اسْتِئْجَارًا لِلْأَرْضِ.
وَكَانَ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ مَجْهُولًا وَأَحْكَامُهَا مُخْتَلِفَةٌ أَيْضًا فَإِنَّ الْعَقْدَ فِي حَقِّ مَنْ لَا بَذْرَ مِنْهُ يَكُونُ لَازِمًا فِي الْحَالِ وَفِي حَقِّ صَاحِبِ الْبَذْرِ لَا يَكُونُ الْعَقْدُ لَازِمًا قَبْلَ إلْقَاءِ الْبَذْرِ وَلِهَذَا لَوْ دَفَعَ إلَى رَجُلٍ أَرْضًا وَبَذْرًا مُزَارَعَةً جَائِزَةً ثُمَّ أَنَّ رَبَّ الْأَرْضِ أَخَذَ الْأَرْضَ وَالْبَذْرَ وَزَرَعَهَا كَانَ ذَلِكَ نَقْضًا لِلْمُزَارَعَةِ وَلَا يَكُونُ إعَانَةً وَقَالَ الْفَقِيهُ أَبُو بَكْرٍ الْبَلْخِيّ: يُحَكَّمُ فِيهِ الْعُرْفُ إنْ كَانَ فِي مَوْضِعٍ يَكُونُ الْبَذْرُ مِنْ قِبَلِ الْعَامِلِ أَوْ مِنْ قِبَلِ صَاحِبِ الْأَرْضِ يُعْتَبَرُ فِيهِ عُرْفُهُمْ وَيُجْعَلُ عَلَى مَنْ كَانَ الْبَذْرُ عَلَيْهِ فِي عُرْفِهِمْ إنْ كَانَ عُرْفُهُمْ مُسْتَمِرًّا، وَإِنْ كَانَ مُشْتَرَكًا لَا تَصِحُّ الْمُزَارَعَةُ وَهَذَا إذَا لَمْ يَذْكُرْ لَفْظًا يُعْلَمُ بِهِ صَاحِبُ الْبَذْرِ فَإِنْ ذَكَرَ لَفْظًا يَدُلُّ عَلَيْهِ وَقَالَ صَاحِبُ الْأَرْضِ: دَفَعْت إلَيْك الْأَرْضَ لِتَزْرَعَهَا لِي أَوْ قَالَ: اسْتَأْجَرْتُك لِتَعْمَلَ فِيهَا بِنِصْفِ الْخَارِجِ يَكُونُ بَيَانَ أَنَّ الْبَذْرَ مِنْ قِبَلِ صَاحِبِ الْأَرْضِ وَإِنْ قَالَ: لِتَزْرَعَهَا لِنَفْسِك كَانَ بَيَانًا أَنَّ الْبَذْرَ مِنْ قِبَلِ الْعَامِلِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ رُسْتُمَ عَنْ مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي نَوَادِره أَنَّ مَنْ قَالَ لِغَيْرِهِ: آجَرْتُك أَرْضِي هَذِهِ سَنَةً بِالنِّصْفِ أَوْ قَالَ: بِالثُّلُثِ يَجُوزُ وَالْبَذْرُ عَلَى الْمُزَارِعِ.
وَلَوْ قَالَ: دَفَعْت إلَيْك أَرْضِي مُزَارَعَةً أَوْ قَالَ: أَعْطَيْتُك أَرْضِي مُزَارَعَةً بِالثُّلُثِ لَا يَجُوزُ إذْ لَيْسَ فِيهِ بَيَانُ مَنْ عَلَيْهِ الْبَذْرُ وَإِنَّهُ شَرْطٌ وَلَوْ قَالَ: اسْتَأْجَرْتُك لِتَزْرَعَ أَرْضِي هَذِهِ بِالثُّلُثِ فَهُوَ جَائِزٌ وَالْبَذْرُ عَلَى رَبِّ الْأَرْضِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
(وَأَمَّا الشُّرُوطُ الْمُفْسِدَةُ لِلْمُزَارَعَةِ فَأَنْوَاعٌ): مِنْهَا كَوْنُ الْخَارِجِ لِأَحَدِهِمَا لِأَنَّهُ شَرْطٌ يَقْطَعُ الشَّرِكَةَ وَمِنْهَا شَرْطُ الْعَمَلِ عَلَى صَاحِبِ الْأَرْضِ لِأَنَّ ذَلِكَ يَمْنَعُ التَّسْلِيمَ وَمِنْهَا شَرْطُ الْبَقْرِ عَلَيْهِ وَمِنْهَا شَرْطُ الْحَصَادِ وَالرَّفْعِ إلَى الْبَيْدَرِ وَالدِّيَاسِ وَالتَّذْرِيَةِ وَالْأَصْلُ أَنَّ كُلَّ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ الزَّرْعُ قَبْلَ إدْرَاكِهِ وَجَفَافِهِ مِمَّا يَرْجِعُ إلَى إصْلَاحِهِ مِنْ السَّقْيِ وَالْحِفْظِ وَقَلْعِ الْحَشَاوَةِ وَحَفْرِ الْأَنْهَارِ وَنَحْوِهَا فَعَلَى الْمُزَارِعِ وَكُلُّ عَمَلٍ يَكُونُ.
بَعْدَ تَنَاهِي الزَّرْعِ وَإِدْرَاكِهِ وَجَفَافِهِ قَبْلَ قِسْمَةِ الْحَبِّ مِمَّا يُحْتَاجُ إلَيْهِ لِخُلُوصِ الْحَبِّ وَتَنْقِيَتِهِ يَكُونُ بَيْنَهُمَا عَلَى شَرْطِ الْخَارِجِ وَكُلُّ عَمَلٍ يَكُونُ بَعْدَ الْقِسْمَةِ مِنْ الْحَمْلِ إلَى الْبَيْتِ وَنَحْوِهِ مِمَّا يُحْتَاجُ إلَيْهِ لِإِحْرَازِ الْمَقْسُومِ فَعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ فِي نَصِيبِهِ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّهُ أَجَازَ شَرْطَ الْحَصَادِ وَالرَّفْعَ إلَى الْبَيْدَرِ وَالدِّيَاسِ وَالتَّذْرِيَةِ عَلَى الْمُزَارِعِ لِتَعَامُلِ النَّاسِ وَبَعْضُ مَشَايِخِنَا مِمَّنْ وَرَاءَ النَّهْرِ يُفْتُونَ بِهِ أَيْضًا وَهُوَ اخْتِيَارُ نُصَيْرِ بْنِ يَحْيَى وَمُحَمَّدِ بْنِ سَلَمَةَ مِنْ مَشَايِخِ خُرَاسَانَ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ وَشَرْطُ الدِّيَاسِ وَالْحَصَادِ وَالتَّذْرِيَةِ عَلَى الْعَامِلِ مُفْسِدٌ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَبِهِ يُفْتَى كَذَا فِي الْكُبْرَى وَعَنْ نُصَيْرِ بْنِ يَحْيَى وَمُحَمَّدِ بْنِ سَلَمَةَ- رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى- أَنَّهُمَا قَالَا: هَذَا كُلُّهُ يَكُونُ عَلَى الْعَامِلِ شَرَطَ أَوْ لَمْ يَشْتَرِطْ بِحُكْمِ الْعُرْفِ قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيِّ: وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ فِي دِيَارِنَا وَعَنْ الشَّيْخِ أَبِي بَكْرٍ مُحَمَّدِ بْنِ الْفَضْلِ أَنَّهُ كَانَ إذَا اسْتَفْتَى عَنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ يَقُولُ: فِيهِ عُرْفٌ ظَاهِرٌ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَمِنْهَا شَرْطُ التِّبْنِ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ الْبَذْرُ مِنْ.
قِبَلِهِ وَمِنْهَا أَنْ يَشْتَرِطَ صَاحِبُ الْأَرْضِ عَلَى الْمُزَارِعِ عَمَلًا يَبْقَى أَثَرُهُ وَمَنْفَعَتُهُ بَعْدَ مُدَّةِ الْمُزَارَعَةِ كَبِنَاءِ الْحَائِطِ وَالشُّرْفَةِ وَاسْتِحْدَاثِ حَفْرِ النَّهْرِ وَرَفْعِ الْمُسَنَّاةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا يَبْقَى أَثَرُهُ وَمَنْفَعَتُهُ إلَى مَا بَعْدَ انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ وَأَمَّا الْكِرَابُ فَإِنْ شَرَطَاهُ فِي الْعَقْدِ مُطْلَقًا عَنْ صِفَةِ التَّثْنِيَةِ قَالَ عَامَّتُهُمْ: لَا تَفْسُدُ الْمُزَارَعَةُ وَهُوَ الصَّحِيحُ وَإِنْ شَرَطَاهُ مَعَ التَّثْنِيَةِ فَسَدَتْ الْمُزَارَعَةُ لِأَنَّ التَّثْنِيَةَ إمَّا أَنْ تَكُونَ عِبَارَةً عَنْ الْكِرَابِ مَرَّتَيْنِ مَرَّةً لِلزِّرَاعَةِ وَمَرَّةً بَعْدَ الْحَصَادِ لِيَرُدَّ الْأَرْضَ عَلَى صَاحِبِهَا مَكْرُوبَةً وَهَذَا شَرْطٌ مُفْسِدٌ لَا شَكَّ فِيهِ لِأَنَّ الْكِرَابَ بَعْدَ الْحَصَادِ لَيْسَ مِنْ عَمَل هَذِهِ السَّنَةِ وَإِمَّا أَنْ تَكُونَ عِبَارَةً عَنْ الْكِرَابِ مَرَّتَيْنِ قَبْلَ الزِّرَاعَةِ فَإِنَّهُ عَمَلٌ يَبْقَى أَثَرُهُ وَمَنْفَعَتُهُ إلَى مَا بَعْدَ الْمُدَّةِ فَكَانَ مُفْسِدًا حَتَّى لَوْ كَانَ فِي مَوْضِعٍ لَا تَبْقَى مَنْفَعَتُهُ لَا تَفْسُدُ.
(وَأَمَّا) (أَحْكَامُهَا) مِنْهَا أَنَّ كُلَّ مَا كَانَ مِنْ عَمَلِ الْمُزَارَعَةِ مِمَّا يَحْتَاجُ الزَّرْعُ إلَيْهِ لِإِصْلَاحِهِ فَعَلَى الْمُزَارِعِ وَكُلُّ مَا كَانَ مِنْ بَابِ النَّفَقَةِ عَلَى الزَّرْعِ مِنْ السِّرْقِينِ وَقَلْعِ الْحَشَاوَةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ فَعَلَيْهِمَا عَلَى قَدْرِ حَقِّهِمَا وَكَذَلِكَ الْحَصَادُ وَالْحَمْلُ إلَى الْبَيْدَرِ وَالدِّيَاسِ وَمِنْهَا أَنْ يَكُونَ الْخَارِجُ بَيْنَهُمَا عَلَى الشَّرْطِ الْمَذْكُورِ وَمِنْهَا أَنَّهَا إذَا لَمْ تُخْرِجْ الْأَرْضُ شَيْئًا فَلَا شَيْءَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا لَا أَجْرَ الْعَمَلِ وَلَا أَجْرَ الْأَرْضِ سَوَاءٌ كَانَ الْبَذْرُ مِنْ قِبَلِ الْعَامِلِ أَوْ مِنْ قِبَلِ صَاحِبِ الْأَرْضِ هَكَذَا فِي الْبَدَائِعِ.
وَإِنْ هَلَكَ الْخَارِجُ قَبْلَ الْإِدْرَاكِ بِأَنْ اصْطَلَمَ الزَّرْعَ آفَةٌ فَلَا شَيْءَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ هَكَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَمِنْهَا أَنَّ هَذَا الْعَقْدَ غَيْرُ لَازِمِ فِي جَانِبِ صَاحِبِ الْبَذْرِ وَلَازِمٌ فِي جَانِبِ صَاحِبِهِ حَتَّى لَوْ امْتَنَعَ بَعْدَمَا عُقِدَ عَقْدُ الْمُزَارَعَةِ وَقَالَ: لَا أُرِيدُ زِرَاعَةَ الْأَرْضِ لَهُ ذَلِكَ سَوَاءٌ كَانَ لَهُ عُذْرٌ أَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ.
وَلَوْ امْتَنَعَ صَاحِبُهُ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ إلَّا مِنْ عُذْرٍ هَكَذَا فِي الْبَدَائِعِ وَلَوْ أَلْقَى الْبَذْرَ فِي الْأَرْضِ تَصِيرُ لَازِمَةً مِنْ الْجَانِبَيْنِ حَتَّى لَا يَمْلِكُ أَحَدُهُمَا الْفَسْخَ بَعْدَ ذَلِكَ إلَّا بِعُذْرٍ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَفِي الْمُنْتَقَى عَنْ أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى إذَا كَانَ الْبَذْرُ مِنْ قِبَلِ رَبِّ الْأَرْضِ وَدَفَعَهُ إلَى الْمُزَارِعِ فَلَيْسَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنْ يُبْطِلَ الْمُزَارَعَةَ فَإِنْ لَمْ يَدْفَعْ الْبَذْرَ إلَى الْمُزَارِعِ فَلِرَبِّ الْأَرْضِ أَنْ يُبْطِلَهَا وَلَيْسَ لِلْمُزَارِعِ أَنْ يُبْطِلَهَا كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَمِنْهَا وِلَايَةُ جَبْرِ الْمُزَارِعِ عَلَى الْكِرَابِ وَعَدَمِهَا وَهَذَا عَلَى وَجْهَيْنِ: إمَّا أَنْ شَرَطَا الْكِرَابَ فِي الْعَقْدِ أَوْ سَكَتَا عَنْ شَرْطِهِ فَإِنْ شَرَطَاهُ يُجْبَرُ عَلَيْهِ وَإِنْ سَكَتَا عَنْهُ يُنْظَرُ إنْ كَانَتْ الْأَرْضُ مِمَّا تُخْرِجُ الزَّرْعَ بِدُونِ الْكِرَابِ زَرْعًا مُعْتَادًا يُقْصَدُ مِثْلُهُ فِي عُرْفِ النَّاسِ لَا يُجْبَرُ الْمُزَارِعُ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَتْ لَا تُخْرِجُ أَصْلًا أَوْ تُخْرِجُ شَيْئًا قَلِيلًا لَا يُقْصَدُ مِثْلُهُ بِالْعَمَلِ يُجْبَرُ عَلَى الْكِرَابِ وَعَلَى هَذَا إذَا امْتَنَعَ الْمُزَارِعُ عَنْ السَّقْيِ إنْ كَانَتْ الْأَرْضُ مِمَّا تَكْتَفِي بِمَاءِ السَّمَاءِ وَتُخْرِجُ زَرْعًا مُعْتَادًا بِدُونِهِ لَا يُجْبَرُ عَلَى السَّقْيِ وَإِنْ كَانَتْ مِمَّا لَا تَكْتَفِي بِمَاءِ السَّمَاءِ يُجْبَرُ وَمِنْهَا جَوَازُ الزِّيَادَةِ عَلَى الشَّرْطِ الْمَذْكُورِ مِنْ الْخَارِجِ وَالْحَطِّ عَنْهُ وَالْأَصْلُ أَنَّ كُلَّ مَا احْتَمَلَ إنْشَاءَ الْعَقْدِ عَلَيْهِ احْتَمَلَ الزِّيَادَةَ وَمَا لَا فَلَا وَالْحَطُّ جَائِزٌ فِي الْحَالَيْنِ جَمِيعًا وَالزِّيَادَةُ أَوْ الْحَطُّ فِي الْمُزَارَعَةِ عَلَى وَجْهَيْنِ: إمَّا أَنْ يَكُونَ مِنْ الْمُزَارِعِ وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ مِنْ صَاحِبِ الْأَرْضِ وَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ الْبَذْرُ مِنْ الْمُزَارِعِ وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ مِنْ صَاحِبِ الْأَرْضِ فَبَعْدَمَا اُسْتُحْصِدَ الزَّرْعُ وَالْبَذْرُ مِنْ قِبَلِ.
الْعَامِلِ وَكَانَتْ الْمُزَارَعَةُ عَلَى النِّصْفِ مَثَلًا فَزَادَ الْمُزَارِعُ صَاحِبَ الْأَرْضِ السُّدُسَ فِي حِصَّتِهِ وَجَعَلَ لَهُ الثُّلُثَيْنِ وَرَضِيَ بِهِ صَاحِبُ الْأَرْضِ لَا تَجُوزُ الزِّيَادَةُ وَالْخَارِجُ بَيْنَهُمَا عَلَى الشَّرْطِ وَإِنْ زَادَ صَاحِبُ الْأَرْضِ الْمُزَارِعَ السُّدُسَ فِي حِصَّتِهِ وَتَرَاضَيَا فَالزِّيَادَةُ جَائِزَةٌ لِأَنَّ الْأَوَّلَ زِيَادَةٌ عَلَى الْأَجْرِ بَعْدَ انْتِهَاءِ عَمَلِ الْمُزَارِعِ بِاسْتِيفَاءِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ وَهُوَ الْمَنْفَعَةُ وَإِنَّهَا لَا تَجُوزُ وَالثَّانِي حَطُّ عَنْ الْأُجْرَةِ وَإِنَّهُ لَا يَسْتَدْعِي قِيَامَ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ هَذَا إذَا كَانَ الْبَذْرُ مِنْ قِبَلِ الْعَامِلِ وَإِذَا كَانَ الْبَذْرُ مِنْ قِبَلِ صَاحِبِ الْأَرْضِ فَزَادَ صَاحِبَ الْأَرْضِ لَا يَجُوزُ وَإِنْ زَادَ الْمُزَارِعَ جَازَ هَذَا إذَا زَادَ أَحَدُهُمَا بَعْدَمَا اسْتَحْصَدَ الزَّرْعَ فَإِنْ زَادَ قَبْلَ أَنْ يَسْتَحْصِدَ جَازَ أَيُّهُمَا كَانَ هَكَذَا فِي الْبَدَائِعِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.